Diaa Alwa Blog

Thursday, September 11, 2014

يصطفلوا

يصطفلوا
من اشهر مقاهي مدينة دمشق مقهى "البرازيل،" الذي كان نسخة مصغرة من "الهايد بارك" الدمشقي، نظراً لصغر حجمه حيت أنّ طاولاته متلاصقة في أطرافه الحشرة، تستطيع سماع الحديث "السيرة " من أوله إلى اخره بسهولة ولا سر يخفى في "البرازيل." يرتاده الزبائن من الصباح الباكر وهم من عـلـية القوم وكبار الموظفين والأدباء والصحفيين، لعل أشهرهم الفنان خالد العسلي مدير المراسم في الرئاسة السورية ومصمم شعار الجمهورية، والطبيب والاديب والنائب والوزير عبد السلام العجيلي.

وكان من رواد المقهى أيضاً فتى شهير اسمه "ابو حسن رمضان" يعرف عن نفسه انه مؤسس ورئيس حزب "يصطفلوا". كان ولداً مدللاّ لوالد ثري، لا يعمل وغير متزوج، ينفق من المال على ملذات الحياة وصاحب نظرية "الإصطفال" بين أهالي دمشق. كان كل ما سمع نبأ إنقلاب عسكري وتغيير حكومة ينهض ويقول: "أيــــــــه....يصطفلوا!"
ذاع صيت هذه الكلمة لدرجة ان المقهى لقب شعبياً بقهوة "يصطفلوا." عند هدم المقهى أيام المحافظ ياسين الاسطة في بداية السبعينيات، نظم العجيلي قصيدة كان مطلعها:
قف بالطول وقل يادمعي سيلي أخنى الزمان على مقهى البرازيلِ ...
ومن مقاهي دمشق الشهيرة مقهى الهافانا الذي كان ملتقى البعثيين، ومقهى والروضة في شارع العابد، والذي اصبح منذ تأسيسه عام 1939محجاً لرجالات الفكر وعدد وفير من النواب السوريين واللاجئين السياسيين العرب أمثال صدام حسين وجلال طالباني ونوري المالكي. جميعهم عاشوا في دمشق، وتقلبوا على كراسي مقهى الروضة قبل تقلبهم على كرسي الحكم في بغداد. كذلك مقهى "الكمال" القديم في ساحة الشهداء، المشهور بنظافته وفخارة اركيلته وكان من اشهر رواده الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عام 1937، عندما كام مقيماً في دمشق. انتقل هذا المقهى الى مكان جديد خلف السراي تحت سينما غازي قبل نقله اليوم إلى زقاق الصخر، بالقرب من فندق الفور سيزنز.
وشوشات شامي عتيق

Labels: ,

Tuesday, September 09, 2014

مفتاح الدو....


مفتاح الدو....

في عام 1950 اسس الزعيم فخري البارودي معهد الموسيقى العربي بدمشق، في منزل قديم بحي سوق ساروجا مقابل جامع الشامية وكان الأول في البلاد. كان الطلبة جميعاً من الهواة، اصبحوا في المستقبل من الموسيقين المحترفين. كان التعليم مساءً واول من ترأس ادارة المعهد غسان البزرة، ثم عز الدين العطار، ثم المحامي الشهير نجاة قصاب حسن.

كان البارودي مولعاً بالموسيقى العربية، وبقي سنوات طويلة يحضر لمعجم عنها من عدة اجزاء، لكن المخطوط احترق كلياً عام 1963 حين دارت معارك بين إنقلابيين ناصريين وبعثيين حول بيته في كيوان جنب ساحة الامويين. كان صديقه المرحوم رجا شربجي، وهو من ظرفاء دمشق ايضاً، يقول ان الكناسيين ظلوا اشهر وهم يلملمون النوطات المتساقطة على الأرض (الكروش والدوبل كروش) من حول الدار.

كان للزعيم البارودي صديق اسمه يوسف البتروني، وهو موسيقي فلسطيني مخضرم جاء الى سوريا بعد تكبة عام 1948. حمل الى دمشق خبرة واسعة لانه كان يدرس الموسيقى في إيطاليا. والبتروني هو عم (والد زوجة) الموسيقي الفلسطيني الشهير رياض البندك.

ذات ليلة احتدمت المناقشة بين الصديقين البارودي والبتروني حول السلم التي تكتب عليه موسيقى العود. هل هي على مفتاح ال "الصول" ام على مفتاح ال"دو؟"

البارودي مصر بانه يكتب على مفتاح الصول لأن كل الموسيقيى التركية تكتب على مفتاح الصول. البتروني أصرَّ بانها تكتب على مفتاح الدو لانه الأنسب لطبقة العود بالنسبة للالات: صول، دو، صول، دو.

خلال النقاش انزحم البتروني وخرج لقضاء حاجته في حمامات باحة المعهد الموسيقي. ظنَّ البارودي بان البتروني حرد وانسحب ، فأطفأ النور وأغلق الأبواب واقفلها بقفل خارجي كالعادة.

عند خروج البتروني من "المستراح" وجد المكان خالياً، انتظر ربع ساعة ثم اتصل بالبارودي من مكتب المعهد قائلاً انه محبوس: "ارجوك ارسل مفتاح المعهد مع احد الاشخاص ليخرجني."

حبكت النكتة عند فخري بك رحمه الله وقال: "خلي مفتاح الدو ينفعك، يا عكروت!"
وشوشات شامي عتيق

Labels: , , , , , , , ,

Wednesday, September 03, 2014

اجوا العشرة....

اجوا العشرة....

كان الدكتور عبد الكريم العائدي تغمده الله برحمته ، من وجهاء مدينة دمشق وهو من الرعيل الوطني الأول، تسلم مديرية الشرطة والأمن العام في الأربعينيات. عمل محافظاً لمحافظة دير الزور ومديراً للكلية العلمية الوطنية وعضو مؤسس في عصبة العمل القومي. يتميز بطول فارع بحيث صنف بأنه أطول رجالات سورية رجالات سوريا، يليه طولاً الزعيم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر.

كان طوله المفرط علامة فارقة بين رفاقه، بالاضافة الى شاربيه الكثيفين، سحنته السمراء، وطربوشة الأحمر. ولأجل الصدفة معظم اصدقائه كانوا قصيري القامة منهم مدير الأمن العام أحمد اللحام، الذي كان يمشي بصحبته على ضفاف نهر بردى يومياً قبل دخولهم الى سراي الحكومة. كان أحمد اللحام يرفع راسه الى الأعلى والعائدي يخفض رأسه الى الأسفل كي يستطيع كل منهما سماع ما يقوله الأخر. ومن رفاقه ايضاً أمير البزق محمد عبد الكريم الذي لا يتجاوز طولة متراً واحداً. في مرة طلب أمير البزق من الدكتور العائدي خلال مرورهما أمام بائع فاكهة، رأيه بالبرتقال، فأجاب الأخير: "أي برتقال؟ أنا اراه مشمشاُ!"

يتكرر المشهد الكرتوني مع الصديق عباس الحامض رحمه الله، مدير تحرير جريدة القبس، وهو قصير القامة ايضاً. كان أصدقائهم المقربين يمزحون بالقول: "أجوا العشرة وراحوا العشرة." وكان الحامض يفلسف الأمور بالقول: "الواحد يبقى واحد ولا يرتقي الى درجة او مرتبة العشرة الا ان يقف الى جانبه الصفر!"

--


Labels: , , , , , , , ,